انطلقت المسيرة الرائدة لبرنامج قطر جينوم عام 2013 ، مع إعلان صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر عن البرنامج خلال مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية، ما مثّل إيذاناً ببدء حقبة جديدة في قطاع الرعاية الصحية في قطر.

أطلقنا عام 2015، المرحلة الأولى من البرنامج، والتي قامت على الاستفادة من القدرات البحثية في مجال العلوم الحيوية الطبية بدولة قطر، بهدف توفير بيئة تعاونية متكاملة. وقد كان الهدف الأساسي للمرحلة الأولى هو إعداد التسلسل الجيني لعدد كبير من الجينومات الكاملة، وتحليل هذه البيانات لتحديد السمات الرئيسية للجينوم القطري.

ويستخدم قطر جينوم العينات والبيانات التي جمعها قطر بيوبنك، حيث يقوم بإجراء تحليل سلسلة الحمض النووي في تلك العينات، مستفيدًا من الخبرات والتجهيزات المتوفرة في سدرة للطب. وخلال هذه المرحلة، قمنا بتوظيف طاقات عدد من الباحثين المتمرّسين، إلى جانب أفضل المرافق البحثية في البلاد، بالإضافة إلى دعم وثيق من القيادة الحكيمة.

ولم يكن تحقيق ذلك ممكناً من دون الدعم الكبير الذي لقيناه من سكان الدولة. فوفقاً لاستبيانات وطنية، وجدنا أن الغالبية العظمى من القطريين على استعداد للمشاركة في برنامج قطر جينوم من خلال المساهمة في العينات البيولوجية وتاريخهم الطبي.

بعد ثلاث سنوات، نحن سعداء باستكمال تطوير الرقاقة الجينية الأولى في قطر "كيو تشيب – النسخة الأولى"، والتي تم تقديمها إلى صاحبة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر خلال افتتاح مؤتمر ويش 2018. وتمثّل هذه الرقاقة الخطوة الأولى على طريق تطوير الطب الشخصي في دولة قطر.

ومن الجوانب المهمة المتصلة بمهمة برنامج قطر جينوم؛ توفير المنصة المناسبة لمناقشة البحوث والمعارف المبتكرة ذات الصلة. لذلك، قمنا بتنظيم مؤتمرين دوليين ناجحين عامي 2016 و2018، جمعنا خلالهما الباحثين والعلماء من جميع أنحاء العالم للتعريف بمشاريع الجينوم الخاصة بهم، وبحث الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والقانونية لهذه البرامج.

وقد اتخذنا الخطوات اللازمة لنقل العلوم والمعارف للأجيال القادمة من الباحثين القطريين، وذلك من صميم التزامنا بدعم العلماء والطلاب في الدولة. وفي سبيل ذلك قمنا بعقد الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية في قطر، وانطلاقًا من هذا المبدأ، ساهم قطر جينوم في إطلاق برنامجين للدراسات العليا بالتعاون مع الجامعات المحلية، هما درجة الماجستير في الاستشارات الوراثية في جامعة قطر، ودرجة الماجستير والدكتوراه في طب الجينوم في جامعة حمد بن خليفة.

ونحن نسعى إلى الارتقاء بالرعاية الصحية للمواطنين، بما يوفر للأجيال الحالية والمستقبلية حياة أكثر صحة. فالأمراض الوراثية لا تزال تمثل معضلة صحية كبيرة في عالمنا العربي، مما يضع على عاتقنا مسؤولية كبرى.

كما نعمل لدعم رسالة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، الهادفة إلى تعزيز الابتكار من خلال إجراء الأبحاث الطبية حول المشكلات الصحية السائدة في الدولة. إلى جانب إتاحة الفرصة للعلماء والباحثين في دولة قطر والمنطقة العربية والعالم إمكانية العمل لتطوير سبل الوقاية، والتشخيص والعلاج المناسب.

ووفق إعلان صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، سيتم منح برنامج قطر جينوم الأولوية القصوى بوصفه استراتيجية صحية وطنية سوف تحمل اسم "الطب الدقيق في قطر". ونحن نتشرف وعلى أتمّ الاستعداد لحمل هذه المسؤولية مع شركائنا المحليين، وكلنا ثقة بأن جهودنا معاً ستفيد الأجيال القادمة بما يعزز صحة المجتمع بأكمله.

أ.د. أسماء آل ثاني

رئيس اللجنة الوطنية لمشروع الجينوم